728 x 90



img

اضطرابات التواصل مصطلح عام يضم تحته العديد من اضطرابات اللغة و النطق و الصوت و الطلاقة و أي تأخر نمائي في تطور هذه القدرات يكون له أثار سلبية سواء من الناحية النفسية أو الأكاديمية وقد يمتد تأثيرها إلى التفاعل الاجتماعي للشخص .ويعود سبب الاضطرابات التواصلية لأسباب عضوية تعود في أساسها للبنية التشريحية لعضو النطق مثل شق الحلق أو قد يكون السبب وظيفيا بحيث تكون البنية التشريحية سليمة لكن المقدرة على توظيف العضو تكون غير فعالة في الكلام . وتنتشر نسبة اضطرابات التواصل بنسبة 15 % في كل مجتمع . ومن بين هذه الاضطرابات التأتأة . فما هو تعريفها ؟ و كم نسبة انتشارها في كل مجتمع ؟ و كيف تتطور عند الاطفال ؟ وكيف يستطيع الأهل المساعدة في حل المشكلة . كل هذه الأسئلة وغيرها ستكون محور نقاشنا في هذه المقالة .
تعتبر الطلاقة في الكلام عاملا حاسما في إيصال الرسالة للمستمع بحيث تكون سرعة الكلام و انسيابه مناسبة حسب الرسالة و السياق الذي تقال فيه . فقد تكون صفة الكلام سريعة بشكل كبير فتسمى التلعثم ( Cluttering ) أو قد تكون بطيئة و عسيرة فتسمى التأتأة ( Stuttering )
تظهر التأتأة على شكل كلام متقطع مثل ( د د د د راجة ) أو إطالة في الأصوات مثل سسسسسسيارة)
أو انحباس ثم انفجار في سيلان الكلام مقل ( بـــــــــُـــــــــــــكرة ) وكل هذه المظاهر تسمى أعراض جوهرية كما أن هناك أعراض جانبية مثل : رمشة في العين ، أو ارتعاش في الشفاة أو الرأس .

تلعب الوراثة دورا كبير في تفسير سبب التأتأة لكن هناك نظريات عديدة تحاول تفسير اضطراب التأتأة من ناحية عصبية فسيولوجية فهناك نظريات ترى أن الخلل في التوافق العصبي العضلي بين الفكرة في الدماغ و تنفيذها عن طريق عضلات النطق الصغيرة هو السبب في خلق لحظة عدم طلاقة ، وهناك نظريات ترى أن سببها تأخر في النمو العضلي الذي لا يتزامن مع النمو العقلي مما يؤدي إلى وجود لحظة تأتأة ، وهناك نظريات حديثة تعتمد أبحاث الدماغ في تحليل لحظة التأتأة بحيث تعتبر أن أمواج الدماغ في منطقة الناصية أو مقدمة الرأس المسؤولة عن أخذ القرارات هي التي تسبب التأتأة .

للأسف لا توجد دراسات مسحية كافية في منطقتنا العربية للكشف عن مدى انتشار اضطراب التأتأة ، لكن الدراسات العالمية تشير إلى أنها تنتشر بنسبة 1 % في اي مجتمع ففي أمريكا لوحدها يوجد أكثر من ثلاثة ملايين شخص يعانون من هذا الاضطراب . ويجب التمييز بين نوعين من اضطراب التأتأة في مرحلة الطفولة المبكرة فهناك عدم طلاقة طبيعية و هناك التأتأة الحقيقية .

تعتبر عدم الطلاقة الطبيعية مرحلة نمائية عادية يمر بها 75% من الأطفال بحيث يلاحظ عليهم مظاهر التأتأة مثل التكرار و الإطالة وتبدأ مثل هذه الأعراض بالظهور بين سن الثالثة و الخامسة بسبب التسارع الكبير في نمو القدرات العقلية و اللغوية في هذه السن مع تأخر في السيطرة العضلية على أعضاء النطق لكن لا تلبث هذه المرحلة أن تظهر حتى تختفي ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر من كلام الأطفال أما التأتأة الحقيقية فإنها لا تختفي بعد هذه المدة وتستمر بعد الستة أشهر وهنا تبرز أهمية التوعية للأهل فمن المهم أن يتعامل الأهل مع هذه المرحلة بتجاهل المشكلة وعدم التركيز على كلام الطفل بقولهم : ( على مهلك ، أو شوية شوية أو خذ نفس …. ) فمثل هذه التعليقات بالرغم من أن الهدف منها المساعدة إلا أنها تخلق وعيا عند الطفل بالمشكلة مما يؤدي إلى تعقيد المشكلة من المستوى النطقي البسيط إلى مشكلة نفسية معقدة يضاف إليها مشاعر و توجهات سلبية تؤثر على اختيارت الطفل للمواقف الاجتماعية بحيث يختار أن ينأى بنفسه عن أي بيئة فيها تفاعل نطقي سواء مع الأطفال الصغار أو الكبار .

ومن الحلول المقترحة في هذه المرحلة أن يركز الأهل على مضمون الرسالة وليس شكلها الخارجي فعلى سبيل المثال لنفترض أن الأم تجلس في الحديقة مع صديقتها و طفلها الصغير يلعب بالكرة التي طارت إلى بيت الجيران ففي تلك اللحظة يريد الطفل أن يخبر أمه عن الكرة ولكنه يمر بلحظة تأتأة صعبة ناتجة عن الحالة الانفعالية من الموقف ففي مثل هذا الموقف الأم تشعر بالحرج أمام صديقتها و تطلب من طفلها أن يتكلم ببطؤ أو يأخذ نفساً وتنسى أمر الكرة فقد ركزت على شكل الرسالة وهي طريقة الكلام ونسيت مضمون الرسالة مما يؤدي إلى توجيه انتبه الطفل إلى مشكلته في الكلام الأمر الذي يساهم في خلق وعي بمشكلته لأنه لم يحصل على الكرة التي أخبر أمه عنها . أما أذا استمرت المشكلة عند الطفل لفترة أطول من ستة أشهر فيفضل مراجعة أخصائيي النطق و اللغة الذي يعمل على تشخيص المشكلة.