728 x 90



img

عندما يفكر البعض في عمل (جرد سنوي)، فإن الجرد يتخذ أشكالا وصورا مختلفة، تتناسب مع أعمال النفوس واهتماماتها ووظائفها
فربما اعتنت النفس بما يتعلق بالذنوب والمعاصي فقط
وربما اعتنت النفس بما يتعلق بالكسب والخسارة المادية أو ما يتعلق بها من تطور أكاديمي ومهني
وربما اعتنت النفس بما يتعلق بالجانب الاجتماعي وما يتفرع عنه من صلات وعلاقات

أميل دائما إلى الاختصار وجعل الأمور تعود في مجملها إلى أصول واضحة وسهلة الاستذكار
ولهذا فأنصح أن يكون الجرد السنوي هكذا:
النفس – الله
النفس – النفس
النفس – الكون

أولا) النفس – الله

ماذا عرفت عن الله من كلامه؟! هل زادت معرفتي بالله وقدره وجلاله وجماله؟! هل زادت محبتي له، خشيتي له، أنسي به، استغنائي به، توكلي عليه؟!
هل سعيت لأتعلم لغة قرآنه؟! هل حفظت منه شيئا جديدا؟! هل تدبرت منه شيئا جديدا؟!
هل أصلحت من نفسي طمعا في محبته ورضاه؟!
هل دفعني حب الله وخشيتي له للتواضع؟! هل أمسكت لساني محبة لله؟! هل كتمت غضبي محبة لله؟! هل مدحت أحدا محبة لله؟! هل نقدت أحدا محبة لله؟! هل قدرت الله حق قدره ؟!

ماذا عرفت عن الله من رسوله؟! بل ماذا عرفت عن رسوله أصلا؟!
هل سعيت لأتعلم جديدا عن رسوله وأحب الخلق إليه؟! هل تعلمت من سيرته شيئا جديدا؟! هل تدبرت منها جديدا؟! هل أصلحت في نفسي شيئا؟!
هل حاولت أن أحذو سيرة رسوله في أفعالي اليومية في السر والعلن؟!

ثانيا) النفس – النفس

هل عرفت من أنا ولم أنا ؟! هل فكرت في هذا الأمر ؟! هل سعيت (على الأقل) لمعرفة الإجابة عن هذين السؤالين ؟!
هل أعطيت الجسد حقه من مراقبة الطعام والشراب، أو الرياضة، أو الراحة، أو غير ذلك ؟!
هل أعطيت الروح حقها من تدريبها على الصمت والإنصات والتفكير والعقل والقراءة والمذاكرة والترويح ؟!
هل عدلت مع نفسي في ما مضى أم أن هناك ما طغى على غيره (مثل: أن يطغى الطعام والراحة والضحك على غيره) ؟!
هل عرفت نفسي أكثر ؟! هل أعرف (على الأقل) نقطة قوة واحدة ونقطة ضعف واحدة في نفسي ؟!
هل اقتربت أكثر من قبول نفسي ؟!
هل أصبحت أكثر تقديرا (معرفة حقيقية) لنفسي ؟!
هل أفرغت ما في جعبتي من شوائب وضغائن وحنق ؟!
هل أصبحت نفسي أكثر عمقا في النظر إلى ما فيها وما حولها ؟!
هل تعلمت السعادة ؟!
هل اقتربت من (الورقة والقلم، الحاسوب، الجهاز اللوحي، الهاتف الجوّال) أكثر لأتمكن من تحرير أهدافي ووضعها نصب عيني ؟!
ما الذي حققته ؟! وما الذي اكتشفت أنني أحتاج أن أعمل أكثر لتحقيقه ؟!
ما هي المعوقات التي تعلمت منها الجديد ؟!
كم كتابا [قرأت] ؟! كم كتابا [تصفحت] ؟! كم مادة علمية راجعت ؟! كم مقالا أثر في [نفسي = شخصيتي] ؟!
كم معلومة أثرت بي ؟!
كم جلسة جلستها مع نفسي لأنني أريد ذلك لا لأنني مرغم على ذلك ؟!
هل أنا أكثر رضا عن النفس وأكثر أنسا بها ؟!

ثالثا) النفس – الكون

هل أصبحت أكثر وعيا بالكون وما فيه ومن فيه ؟!
هل أصلحت من علاقتي بالكون من حولي (الأرض والسماء وما بينهما من جماد ونبات وحيوان) ؟!
هل أصبحت أكثر تقديرا لما حولي من نعم مسخّرة لأجلي ؟!
ماذا عن الهواء (وتلويثه)، والماء (والإسراف فيه) ، والجماد (وعدم إفساده)، والنبات (والمحافظة عليه)، والحيوان (ورحمته) ؟!
هل صرت أراقب خطواتي وأنا أسير على أرض ترابية أو نباتية أو حتى صخرية ؟!
هل صرت أراقب نفسي في هدوء وأنا أتوضأ أو أستخدم الماء في أي شأن من شؤون حياتي اليومية ؟!
هل أصبحت أكثر حساسية وذوقا مع الكائنات من حولي في الحفاظ على هدوء الصوت وتجنب الصخب ؟!
هل أراعي (الله والنفس) عندما (أمشي على الأرض هونا) ؟!
هل صرت أكثر حساسية في استشعار ذرات المادة من حولي وأنا أستعمل السيارة والهاتف والحاسوب وغيرها ؟!

ماذا عن النفوس من حولي ؟!
هل قلّ انشغالي (السالب) بهم ؟!
هل تمكنت من أن أضيء لنفسي فأضيء لهم ؟!
هل أحس بالنفوس من حولي (الأهل، الأصحاب، الجيران، العاملون والأجراء، الزملاء، الباعة والعاملون في الأماكن العامة، الإنسان في العالم كله) ؟!
هل أصبحت أشد مراقبة لتعاملي مع إخواني وأخواتي ممن يعينوننا في بيوتنا وأعمالنا (الخدم والبوابين والسائقين وغيرهم) ؟!
هل طورت مهارات الحوار والإنصات والاختلاف مع الآخرين ؟!
هل تمكنت من تفعيل كل من (النفس – الله) و / أو (النفس – النفس) في تعاملي مع الآخرين بحيث لا أنتقم للنفس بل لله ؟!
هل تعرفت على عدد أكبر من الصحبة الطيبة ؟!
هل تعرفت على عدد أكبر من أهل الآخرة وطلابها ؟!
كم شخصا من أهل العلم تعرفت عليه / عليها من (الأموات) من خلال كتبهم ؟!
كم شخصا من أهل العلم تعرفت عليه / عليها من (الأحياء) ؟!
كم شخصا جديدا تعرفت عليه / عليها ممن أثروا بي وزكت بهم نفسي ؟!
كم منهم كان من العالم الرقمي (الإنترنت) ؟! وكم منهم كان من العالم الحسَي (وجها لوجه) ؟!
كم نفسا تكشفت عن جواهر ؟! كم قناعا سقط من حولي ؟!
كم حقا عرفت ؟! وكم باطلا اجتنبت من الناس ؟!

هل أصبح للأمة من فكري وشعوري نصيب ؟!
هل صرت أدعو لإخواني المستضعفين في كل مكان ؟!

هل شملت معرفتي برحمة الخالق وكلمات كتابه وسيرة نبيه خلقي وسلوكي فصرت أدعو لكل الخلق بالهداية ؟!
هل صرت أحرص على أن لا أكون عدوا لأمتي ووطني والمستضعفين ولو دون قصد ؟!
هل صرت أحرص على أن لا يستخدمني العدو لشبهة أو لشهوة ليحقق من خلالي أغراضه ؟!
هل أنا الآن أكثر شعورا بالكون مادة ونباتا وحيوانا، وإنسانا، وأمما وشعوبا ؟!
هل أنا أكثر سعادة بمن حولي ؟! وهل هم أكثر سعادة بي ؟!

وبهذا أقول لكم:
اللهم اجعل أزماننا كلها خيرا وبركة
واستعملنا دائما كما تحب وترضى

أحبك يا الله، فأحببني
وأحب قرآنك، فاجعله حجتي
وأحب نبيك، فشفّعه فيّ
وأحب أهل الحق وإن قصرت عنه وعنهم، فاغفر لي ببركتهم