728 x 90



img

السعادة كلمة يختلف معناها من شخص لآخر، ولذلك فإنه إذا سألنا ما معنى السعادة، سنجد أن كل شخص يعرفها تعريفا مختلفا انطلاقا من منظورات وتصورات لدى الشخص، فالمريض يرى السعادة في الصحة، والفقير يرى السعادة في المال، وآخر يرى السعادة في الرضا بالمقسوم، وهكذا. وكثيرون كتبوا عن السعادة من وجوه مختلفة، ولكن سأتحدث عن هذا الموضوع من وجهة النظر العلمية البحثية، ولن أعرض نتائج ودراسات ولكن سأعرض ما تم استخلاصه من هذه الدراسات الدقيقة الموثقة.
ما هي السعادة؟
السعادة تعني حب الشخص للحياة التي يحياها، واستمتاعه بها، وتقديره الذاتي لها ككل. كما أنها حالة يشعر فيها الفرد بالرضا والاطمئنان والسرور والبهجة.
والأشخاص السعداء تجدهم يجيدون الاستمتاع بكل شيء في حياتهم على طريقتهم الخاصة، فهم ينظرون إلى كل شيء في الحياة بطريقة إيجابية وكما نقول “يرون النصف المليء من الكوب”، دائما تجدهم متفائلين حتى في أحلك الظروف.
العوامل الستة للسعادة النفسية:
أشار كل من Ryff & Singe أن هناك عدة عوامل ومؤشرات ستة للسعادة النفسية وهي:
1- الاستقلال الذاتي: ويتمثل في قدرة الفرد على اتخاذ القرار، ومقاومة الضغوط الاجتماعية، وضبط وتنظيم السلوك الشخصي أثناء التفاعل مع الآخرين.
2- التمكن البيئي: ويتمثل في قدرة الفرد على التمكن من تنظيم الظروف، والتحكم في كثير من الأنشطة، والاستفادة بطريقة فعالة من الظروف المحيطة، وتوفير البيئة المناسبة، والمرونة الشخصية.
3- التطور الشخصي: ويتمثل في قدرة الفرد على تنمية وتطوير قدراته، وزيادة فعاليته، وكفاءته الشخصية في الجوانب المختلفة، والشعور بالتفاؤل.
4- العلاقات الإيجابية مع الآخرين: وتتمثل في قدرة الفرد على تكوين وإقامة صداقات، وعلاقات اجتماعية إيجابية متبادلة مع الآخرين على أساس من: الود، والتعاطف، والثقة المتبادلة، والتفهم، والتأثير، والصداقة، والأخذ والعطاء.
5- الحياة الهادفة: وتتمثل في قدرة الفرد على تحديد أهدافه في الحياة بشكل موضوعي، وأن يكون له هدف ورؤية واضحة توجه أفعاله وتصرفاته وسلوكياته مع المثابرة والإصرار على تحقيق أهدافه.
6- تقبل الذات: ويشير إلى القدرة على تحقيق الذات، والاتجاهات الإيجابية نحو الذات والحياة الماضية، وتقبل المظاهر المختلفة للذات بما فيها من جوانب إيجابية وأخرى سلبية.
قائمة السعادة:
وضع المختصون قوائم تسمى بقوائم السعادة اليومية، وهي عبارة عن مجموعة من الأنشطة المقترحة التي يمكن يقوم بها الشخص من أجل أن يقضي يوما سعيدا، وهي في الحقيقة تختلف من شخص لآخر حسب البيئة الثقافية والاجتماعية التي يعيشها الفرد، وفي هذا الموضوع سنقوم بعرض قائمة السعادة بما يتناسب مع بيئتنا العربية وبما يتلاءم مع ثقافتنا.
1- امدح من حولك: احرص على أن تمدح من حولك بكلمات جميلة محببة لنفس من تمدح، فإنها تشعره بالسعادة وهذا الشعور ينعكس عليك أيضا، لأن ذلك يزيد من الترابط الروحي بينكما ، فمثلا: تمدح أخوك أو أختك أو زوجتك أو صديقك بأن تقول له “لباسك جميل”، “شعرك مرتب”، “أخلاقك طيبة”، وغيرها من عبارات المدح.
2- احرص على أن تقوم بعمل بر يوميا: عندما تقوم بعمل شيء نافع، عندما تكون سببا في سعادة الآخرين، عندما تفرج كربة عن شخص يعاني، فإن كل هذا من شأنه أن يبعث في نفسك الرضا والسعادة.
3- خطط ليومك وضع أهداف قابلة للتحقق: تحقيق الإنجازات يشعر المرء بقيمته، كما يشعره بأن له دورا في الحياة، وبالتالي تتولد بداخله السعادة، وهذا لا يتحقق إلا بوضع الأهداف القابلة للتحقق. فإذا خططت ليومك جيدا ووضعت الأهداف المراد تحقيقها وقسمت الوقت على المهام المراد القيام بها، وبالفعل أنجزتها فإن ذلك يشعرك في نهاية اليوم بنوع من الرضا والسعادة، وعند التخطيط ليومك، حاول ألا تثقل كاهلك بمهام كثيرة لا تتمكن من الانتهاء منها خلال اليوم.
4- عود نفسك على الابتسامة في وجوه الآخرين: الابتسامة لها مفعول السحر في تقارب القلوب، ابتسامتك في وجه الآخرين تنشر البهجة وترسم البسمة في وجوههم ويتعكس ذلك بالإيجاب عليك أيضا، فاحرص على ألا تغادر الابتسامة وجهك.
5- مارس النشاط اليومي المحبب لديك: أي شخص له عادة محببة لديه يمارسها، فأحدنا يحب المشي، وآخر يحب سماع الموسيقى وآخر يحب سماع القرآن أو قراءة قصة، وآخر يحب ممارسة رياضة ما ..إلخ. وبالتالي لا تحرم نفسك من ممارسة نشاط محبب لديك وتستمتع به، ولكن شريطة ألا يتعارض مع القيم والقوانين.
6- عود نفسك على التسامح: التسامح يعلي من قيمة صاحبه، يسمو بروحه، يرتقي بها، يجعلها دائما تعيش حالة من النقاء والصفاء الروحي الذي يخلق السعادة والطمأنينة، وبالتالي لا تحرم نفسك من هذه القيمة الرائعة.
7- حدث نفسك بعبارات إيجابية: إن الحديث الإيجابي مع الذات يزيد من الثقة بها، كما أن له أهمية كبيرة في رفع الهمة وبث التفاؤل والطمأنينة، فقل: “أنا قادر على فعل كذا…، أنا أستطيع أن أقوم بكذا…إلخ”
8- عندما تستحم استمتع بالماء الدافئ وهو يتساقط على جسدك ولا تفكر في أي شيء آخر سوى أنك تسمتع بقطرات المياة وهي تتساقط على جسدك، فهذا يشعرك بالراحة.
9- تحدث مع من تحب: إذا أهمك شيء أو شعرت بالضيق يمكنك أن تتحدث إلى شخص تحبه، لأنك حينها ستشعر بالراحة، وهناك من كان يناجي ربه في الصلاة ويشعر بالراحة الشديدة بعد هذه المناجاه.
10 – استيقظ قبل شروق الشمس واستمتع بالشمس وهي تشرق، فهذا يمدك بقوة روحية كبيرة تشعرك بنوع من الراحة والطمأنينة.
وأخيرا أقول بأننا الوحيدون القادرون على إسعاد أنفسنا، فالأشياء من حولنا ثابتة وداخلنا هو الذي يتغير من وقت لآخر، فيمكنك أن تجد شخصين يجلسان على الشاطئ، أحدهما يتغنى بجمال البحر وزرقة السماء، والآخر تجده ينظر للبحر على أنه غادر لا أمان له، وفي الحقيقة السماء هي السماء والبحر هو البحر، لم يتغير شيء، الشيء المتغير هو داخلنا وطريقة نظرتنا لما حولنا، وبالتالي أنت الوحيد القادر على الاستمتاع بما حولك.