728 x 90



img

عملية تفسير ذاتي لعلامات او احساسات فيزيولوجية بسيطة تحدث معه بإمكان تعرّضه لمرض خطير فيبدي إهتماما مبالغاً في صحته وتسيطر عليه مخاوف مرضية وإعتقادات وهمية تدعم فكرة وجود المرض وتتمحور حول مظاهره وأعراضه المتخيّله.. لا يدعم التشخيص الدقيق وتقييم حالة الشخص الجسمية والصحية إعتقادات المريض ، ولايمكن إعتبار الأعراض التي يشكو منها أعراضاً لحالات القلق والغم وكذلك فإنها لاتنطوي تحت أعراض إضرابات أخرى كالفصام والاكتئاب .ومع ذلك فإن المريض يستمر تحت تأثير هوس اقتناء الأدوية وزيارة العيادات الطبية لطلب المزيد من الاستشارات المتعلقة بمرضه والتي لاتخفف بالنتيجة في خوفه. وتزيد من استشاراته للاطباء بإستثناء المعالج النفسي، يستقر المرض كمؤشرعلى الإضطراب إذا استمر لفترة تتجاوز الستة أشهر على الأقل،كما يتميز مضمون أعراض (توهم المرض) بأنه غير هذائي ولدى المريض قابلية الإعتراف بإحتمال لاعقلانية توهماته ولكنه يستمر مهموماً وحزيناً ويعاني من قلة النوم والأرق مع احتمال بضعف الذاكرة يكشف إصرار المريض عن ادعاءات توهم المرض والإنتقال من عيادة إلى أخرى على الرغم من التقارير الطبية المتخصصة التي تؤكد سلامة البنية الجسدية عن وسائل لاشعورية نشطه تكمن مصلحتها في استخدام الجسد وأجزائه وسائل هروب من الفشل والإحباط وتحمل المسئوولية . فالفاشل في مواجهة يرفض شعوره الإقرار بالهزيمة بشكل عقلاني منطقي ؛ ولذلك فإن عزو هذا الفشل إلى علل في بنيته أسهل عليه وأهون من المواجهة .ومن يشكو عتبة احباط منخفضة وتسقط من بين يديه الحلول الواقعية يلجأ إلى التوهم الذي يخفف بصورة تخيلية من شدّة آثار الإحباط. أما لمن ينوء تحت عبء المسؤولية فسيكون تخيل السقم في صحته مبرراً لعدم تكليفه بالمزيد وبالوقت ذاته سيكون كافياً لاستدرار عطف الأهل في الأسرة والمقربين في مواقع العمل والمهنة .ويكون التضامن المنشود على هيئة تحرير من الدور الموكل إليه والدعاء له بالشفاء مما ألم به. هذا السلوك مرشح للتطور ليغدو أسلوبا يعتمده الفرد المعني في مواجهة هجمات القلق والمواقف المماثلة . كما تلعب طبيعة الفرد الانفعالية بالتضافر مع عوامل أخري دوراً ملحوظاً في حالات المرض وتبرز سمات كالانسحابية واللا إجتماعية والانطوائية عوامل تقود إلى انقطاع أصحابها عن التواصل مع الآخرين او على الأقل عن النشاطات والإهتمامات المشتركة وتؤدي بالتالي لتدعيم التوجّه نحو الذات وتحريضه اكثر مما يجعل جوانبها الجسدية والانفعالية والبنييوية مراكز لنشاطات وتخيلات وهمية. يحقق المريض عبر نشاطاته هذه إغراضا دفاعية يحوّل بموجبها حالة الصراع النفسي إلى شكوى جسيمة.ومن بين العوامل التي تقود إلى هذا الإضطراب بيئة الفرد الأسرية والنفسية وتهيء لاكتساب خبرات نمائية تدعم اتجاهات الحساسية المفرطة تجاه البنية الجسمية وتخلق عند الفرد استعداداً للمبالغة في تقدير مثيرات تتعرض لها بنيته . فالآباء الذين وقعوا ضمنية توهم المرض سينقلون بشكل غير مباشر إلى أبنائهم أنماط سلوك مراقية تؤدي الي تبني الأبناء اتجاهات الوالدين .كما تؤدي المبالغة والإهتمام الذي لا يبرره الواقع بحالة الأبناء الصحية (يبالغون بشكل كبير عند تعرض أحد ابنائهم الي وعكة صحية بسيطة ومألوفه)والاهتمام المفرط بالتغذية وبخاصة عندما يحيطونها بنواميس متطرفة إلى إنتقال هذه الإتجاهات إلى الأطفال وتمهّد السبيل إلى توهم المرض وهكذا فلكل من التعلم والمحاكّات الأخرى وبخاصةً ما يرتبط بتحقيق حاجة أو وظيفة معينة دورٌ هام في هذا الإضطراب. ويعد تقبل الإيحاء أحد أبرز ما يميز متوهمي المرض من أعراض ويمكن عدّه في الوقت ذاته أحد أبرز العوامل فيه ، فالمعروف عن هؤلاء تأثّرهم بما يقرأون أو يسمعون أو يشاهدون ،ويكفي الحديث أمامهم عن أعراض لديهم في تدعيم الافكار المرضية ،حيث يثير الضعف والترهل في أجزاء الجسم مشاعر الخوف والقلق الوجودي ويهيء إلى التطرف في مراقبة عمل أجهزة الجسم. ولعلّ أقرب العوامل إلى التقبل والفهم في توهم المرض هي العوامل الانفعالية والحالة النفسية لشخصية المريض،فقد تكون أعراض القلق الفيزيولوجية بدايةً للإهتمام الذي لا يلبث أن يبتعد عن المألوف ويمهد للمبالغة في تحليل وتفسير الحساسات والعلامات الفيزيولوجية .وكذلك فقد يساعد الاكتئاب بما يسوده من أفكار عدم الجدوى الذاتية والقيمة الشخصية على تغريز انشغال المريض بحالته وتوهم المرض ، كما أن الشخصية القهرية المشغولة هي الأخرى بأفكار قد يتركز معظمها حول الخوف على وجود الذات بالمعنى الواسع تشكل أحد العوامل في هذا الإضطراب.

موقف الناس من الاضطراب
يخشي الناس هذا الإضطراب النفسي ويخفون ابن الأسرة العاثر الحظ عن أعين الأصدقاء ويوصدون عليه أبواب الغرف الخلفية . ويرجع خوف الناس هذا إلى موازاة الإضطراب النفسي بالجنون الذي هو ضرب من اللوثة أو من مس الشيطان للفرد .لا يمس الشيطان أحد أعضاء الاسرة إلا لإثم إرتكبه ربّ تلك الأسرة أو أحد أفرادها .إنه لرأي خاطئ …تماماً يعمل نقص المعرفة العلمية المبسطة وسوء الاطلاع والركون إلى مصادر للمعلومات تقع في حيز الشعوذة والدجل والاستغلال على نشر ذلك المفهوم الخاطئ ،فتشتد المخاوف الشخصية في الوقوع في المرض ويهرب الناس في المحللين النفسيين، ندفع نتيجة لذلك ما نحسّه فينا أو في أحد أحبائنا من أعراض الإضطراب بالتمويه والتبرير.فترجع تعرض أحد أخوتنا لنوبات النسيان إلى طبيعته الذكية أو إلى كراهيته لاسوء الناس ومحاولته دفعهم من مخيلته.ونرجع قوقعة أحد أبنائنا إلى طبيعة الاخرين الشريرة لا إلى نزعته إلى التقوقع والانزواء قد تشتد كراهيتنا لسلوك الناس فتأبى عليها التصنيف العلمي ونكونها جميعاً في خندق الجنون. فكل من لم يعد بالامكان اخفاء حالته من غير ذوينا مجنون- هداه الله – ويستحيل تشخيص الفرد وعلاجه تتخلص الخطوات المقبلية بالتالي:
1):ايضاح الواقعة الثابتة التي تشير إلى تعرّض غالبية الناس للإضطراب النفسي في فترة أو أخرى لمدة تطول أو تقصر لا تخدعن أحدنا المظاهر البرّاقة على وجوه الآخرين .فغالباً مايكون الهدوء مصطنعاً يخفي صراعاً نفسياً مدمراً سرعان ما ينفجر عندما تأتي اللحظة الحرجة ..تخفف معرفتنا بحالات الاخرين مشاعر العزله والاختلاف وتدفعنا للاعتراف بحالتنا قبل طفوح الكيل لدينا .
2) نفي الإعتقاد الشعبي الذي يعتبر الإضطراب النفسي حول خلاف زوجي أو حول تفجّرات انفعالية تتنافى مع سياق الحياة .المرض واحد نفسياً كان ام جسمياً،وعلي الفرد سواءً تعرض لمرض سببته جراثيم باستور أو لمرض سببته جراثيم الضغوط الاجتماعية ،الاستعانة بالإيمان بالله العظيم واستشارة المختص لمنع تدهور صحته اوتفكك وجوده .
3) ربط الحبل الواصل بين الشاذ والسوي..تنفي الملاحظات السريرية قيام حد قاطع بين السوي والشاذ.المألوف أن يتعرض أكثر الناس أو جلّهم في فترة ما لمشكله تعيق آليات التكيف السليم ومهاراته بين ايديهم.والفرق بين الاستاذ الجامعي الذي أنكر ابنه وامتنع عن التحدث اليه بسبب تكرار رسوبه في المدرسة وبين الأب الذي يقضي معظم أوقاته في مواضير الفساد إنما هو فرق في درجة الإضطراب النفسي لا في طبيعته او نوعه فأستاذنا الكبير عرضةً لضرب مؤقت من العُصاب ازمن لدى العربيد وعندها لن نغالي إن نحن اكدنا انقلاب الاستاذ إلى حال العربيد إن قست عليه الحياة وأوقعت أولاده الآخرين في دوامة الولد الأكبر . إن الحد الفاصل بين السوي والشاذ أدق من شعرة معاوية والناس جميعهم يتناولون التوزع بين القطبين وفيما بينها من نقط .تدفع معرفة من هذا القبيل الناس إلى الإعتراف بإضطراباتهم قبل استفحالها.
4) إيضاح الأسباب الفعلية المولدة للإضطراب النفسي طالما اعتقد الناس بأن الإضطراب النفسي قد يرثه الأبناء عن الوالدين أو أحدهما . يعيش أقارب المضطرب في خوف دائم ورعب مر، ويفسرون كثيرا من أعراض السلوك العادية لديهم علي أنه بداية الأنحدار. أنه لتفكير خاطئ تماماً تنفي معرفتنا الراهنة تلك المخاوف .صحيح أنها تبين نشوء بعض أشكال التخلف العقلي والتشوه البنيوي عن شذوذ الصبغيات لدي أحد الوالدين أو كليهما،غير أن في طاقة علم الأجنة التنبؤ بشذوذ النمط الصبغي للولد المنتظر والوقاية منه بشكل أو بآخر .
5)إلقاء الضوء على العلاقة بين العبقرية والإضطراب النفسي يعتقد البعض بإرتباط الإبداع العلمي والفني بالمرض النفسي. يكون العباقرة،طبقاً لهذا الإعتقاد،أميل للوقوع ضحايا الإضطراب ، حاول بعض الكتاب جرد قوائم الشخصيات العلمية الكبرى التي عانت المرض النفسي. قام الجرد علي تحيز واضح ينفي اولئك العباقرة الأسوياء من القوائم .وتتالت الأدلة العلمية وحطمت أسطورة ذلك الاعتقاد.
6):اخيراً،لابد من إقناع الناس بشفاء الإضطراب النفسي، ينظر الناس بشيء من الريبة والتوجس إلى خريجي المصحات النفسية .ليس هذا الموقف بخاطئ وحسب ،بل إنه لذو ضرر بالغ الأثر.إنه ضرب من الضغط الجديد والعقبة الكبرى التي توضع بوجه خريج المصحة النفسية وتقضي على ماتوصل إليه من نظرة تقبليّة لذاتهِ قد تدفعهُ إلى الهاوية من جديد يزيد الموقف الخاطئ من المصابين بالمرض النفسي إصرار المرضى واستمرارهم على عدم البوح بإضطراباتهم وعلى الإمتناع عن زيارة المصحة.صحيح أن الفصامات العضوية عصية على الشفاء التام. لكن النسبة الكبرى من الفصامات والإضطرابات الأخرى إنما هي إضطربات وظيفية تستجيب للعلاج في أمد قصير نسبياً.فإذا ما بكّر بتشخيص المرض ومعالجته بصورة حسنة شفيت من ذوي الفصام الوظيفي نسبة تتراوح بين70-80% وغالبا مايتمتع هؤلاء بدرجة من تكامل الشخصية تفوق درجتها قبل الإلتجاء إلى المصحة وتمكنهم من ممارسة حياتهم العادية في مجال يسود التقبل والفهم والثقة.