728 x 90



التاريخ: 2017-01-14


الإستشارة:

مشكلتي أنني لا أحس بالزمن بعد وفاة والدي ـ و حياتي كآنها توقفت منذ عام رغم الأحداث التي تحدث يوميا ـ فأنا أشعر أنني لازلت في العام السابق ـ و في الأيام التي توفي فيها والدي.
كنت مقربه منه جدا ـ لا أبتعد عنه إلا للضروره ـ و رغم أني تزوجت ـ فقد كنت أقضي يومي وأنا أتحدث مع والدي ـ اذا لم يكن بالهاتف ـ فعادة كنت استقل العربة وأذهب لكي أراه ـ و كان دائماً يخبرني إنه يجب ألا أتعلق به، وأنا أهتم بديني وأولادي وزوجي ـ كان حكيما ـ متدينا ـ الله يرحمه ـ
المهم في الأمر ـ بعد وفاته أحسست بفراغ كبير و ما زال ـ أصبحت عصبيه جدا و منطوية ـ لا أشعر بالجوع و لا العطش. إلا في حال ذكرتني ابنتي وأخبرتني أنها جائعه ـ عندها أعد الطعام، و تطلب مني أن نأكل سويه ـ أصبحت أري أي شي ليس له أهمية، وأقضي يومي كله في مشاهدة التلفاز ـ لا أبرح مكاني إلا للصلاه ـ ساعدوني، أعلم أنني في مشكلة. ولكن لم أستطع إيجاد حل ـ ساعدوووووني أرجوكم.

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختي الفاضلة حفظكِ الله ورعاك، ووفقكِ لكل خير، كما أشكركِ على تواصلك مع موقع وياك للاستشارات النفسية .
أنت شخصت نفسكِ على أنكِ عصبية ومنطوية، وأبرز مميِّزات الشخص العصبي أنه لا يتحمل التعامل مع الآخرين ويرى الحياة طبقة سوداء أمامه، بالإضافة إلى دخوله في العزلة والإنطوائية، والفراغ الذي تكلمت عنه أنت الذي رسمتيه لنفسك ، وكان من الفضل أن تتجاوزي هذه الأزمة دون التأثير على نفسك أو على الآخرين ، لأن عدوى العصبية والانطوائية ستتنتقل إلى أسرتك . ويبدو عليك من خلال قراءتي لرسالتك أنك شخصية حساسة جدا ، وصاحبُ هذه الشخصيةِ يكونُ تأثُّره الكبير بعواطفهِ فيجعل الآلام والمشاعرَ الحزينة التي يُواجِهها في الحياة -حتى لو كانت مجرَّد أنشودة حزينة- تلتصقُ بوجدانه لمدَّةٍ طويلة قد تُسَبِّبُ له العزلة الاجتماعية، والانسحاب والتقَوْقُع.
ولهذا أنت محتاجةٌ إلى أن تقدري ذاتك، ومعرفةُ الإنسانِ لقدرِ نفسه هي منبعُ ثقته، وتقديرُ الذاتِ هو عملية ديناميكية لما يجري في العقلِ والجسدِ من عمليات، وما يقوم به الإنسان من تصرفات وسلوك.
وهذه السلوكيات (البكاء والعزلة) التي تصدرُ منك يبدو أنَّ الأفكار السلبية قد طغت عليك، وأخذت حيزاً كبيراً في تفكيرك، ولم تترك مجالاً للأفكار الإيجابية، وهذا ما يؤدي بكِ إلى العزلةِ والضعفِ وعدم القدرةِ على مواجهة الآخرين، وتتأثري من أي انتقاد.
بالنسبة لعلاقتك بوالدك أنا أشكرك على هذا التودد والحب والقرب منه، ولكن لا يمكن أن تتوقف الحياة بسبب وفاة الشخص، فلقد توفي أفضل من مشى على هذه البسيطة وهو الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ولم يتقبل هذا الموقف سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت وإنما ذهب وسيعود، ولكن أنظري إلى رجاحة عقل سيدنا أبوبكر رضي الله عنه، خرج إلى عمر وهدأه وقام في الناس قائلا لهم من كان يعبد محمدا فإن محمد قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وذكرت لك هذه القصة أختي الفاضلة حتى تدرك أننا لا نرتبط بالأشخاص كثيرا، فمفارقة الأحباب والأصحاب لا بد منها، ولهذا لا نقف ونبكي على الأطلال ونضيع وقتنا دون فائدة، بل لا بد أن تستمر الحياة، ونعيش حياتنا كما أراد الله تعالى لنا، وندعو لأهلنا وإخواننا وأحبابنا بظهر الغيب، وإذا كنت تحبين والدك بالفعل فأكثري له من الدعاء تصدقي عليه، حجي واعتمري عليه، فكل هذه السلوكيات تدل على محبتك له، أما عزلتك وبكاءك وتضييع لأسرتك فهذا لن يجدي ولن يرجع لك أباك مرة أخرى .
وهذا الضعف الذي تعيشينه قد يولدُ لديكِ أيضاً القلق، وهو شعورُ الإنسانِ بعدمِ الراحةِ تجاه شيءٍ ما يمكنُ أن يحدث وهو غير مؤكد، أو خطر محدق يخافُ منه الإنسان؛ فيشتتُ ذهنه، ويضايقه، ويقلقُ منامه، ويعكرُ صفوه ، والقلقُ الشديدُ والذي يعتبرُ مرضاً يعتبرُ عدو النجاحِ، والوصول إلى الهدفِ المنشود، بخلافِ القلقِ البسيط الذي يجعلُ الذهنَ متفتحاً ومنتبهاً لما يدور أمامه.

وهناك خطوات من خلالها تستطيعين أن ترفع من شأن ذاتك، وهي:
1- يجب أن تكوني إيجابية متفائلة، بعيدة عن الإحباطِ واليأس، وحاولي دائماً أن تقبلي على تصميمِ الحياة، ولا تضعفي أمام المشاكل.
2- بِناءُ الثقةِ بالنفسِ وتغيير الكلام السلبي مع الذات، فالنقدُ السلبي الموجَّه لك إن لم تكوني تعتبريه أنت إهانة شخصيَّة فلن تجديه كذلك، ولن تجدي لتلك الكلمات الجارحة تأثيرًا عليك .
3- يجب أن تنظري إلى نفسك كأم وقدوة، فهل كنت تحبّين أن يراك أطفالك على هذا النحو؟ أتحبُّين أن تربِّي أطفالك على الحساسية المفرِطة؟.
4- يجب أن تُدرِكي أن لكلِّ إنسان وجهة نظر خاصَّة به، قد أختلفُ معك في فكرةٍ أو شعور، لكن هذا لا يعني أنني أمقتك أو أنتقص من قدرك، بل هذه وجهةُ نظري مثلما أنَّ لك أنت أيضًا وجهةُ نظرٍ تُخالِفني فيها، اجعلي هذا في تصوُّرك دائمًا، وستخفُّ مشاعرك السلبية وغضبك وآلامك كثيرًا.
5- انظري إلى إنجازاتك ونجاحاتك ومواهبك وركِّزي عليها، بدلاً من التركيز على سلبيَّاتك.
6- حاولي أن تمارِسي الرياضة؛ فالرياضة تُبدِّد الشحنات السلبيَّة الزائدة، وترفع هرمون السعادة.
7- مارسي تمارين الاسترخاء؛ فهي تخفف عنك من وطأة القلق والحزن، ويجب أن تختاري مكاناً هادئاً بعيداً عن الضوضاء.
8- يجب أن تكوني شخصية اجتماعية تتأقلم مع الآخرين وتتحمل الآخرين، وتصبري على الآخرين حتى وإن كان أقرب الناس إليك وهو زوجك.
9- كما قلت لك تذكري والدك بالرحمة، وتصدقي عليه، وكوني له البنت البارة الصالحة التي تدعوا له .

وبالله التوفيق.
د. العربي عطا الله قويدري
إستشاري في الإرشاد النفسي والأسري

استبيان

هل لغة المستشار واضحة وسهلة الفهم؟

نعم لا نوعا ما

هل ترى أنك حصلت على الجواب الكافي؟

نعم لا نوعا ما

هل شعرت بالارتياح بعد حصولك على الاستشارة؟

نعم لا نوعا ما

هل احتوت أجوبة المستشار على خطوات عملية سهلة التطبيق؟

نعم لا نوعا ما