728 x 90



img

تعد الصدمات النفسية والجسدية والكوارث قدرا إنسانيا منذ بداية الخليقة، وعلى مر العصور والدهور تعلم الإنسانكثيرا من الأساليب والوسائل التيتساعده على التعامل مع الصدمات والكوارث، وامتزجت هذه الوسائل في ثقافة كل بلد وحضارة كل أمة، حتى أنه لا يمكن تقديم أية خدمة أو مساعدة نفسية صحيحة دون الرجوع إلى ثقافة وأفكار الأشخاص الذين هم بحاجة لها. ويحتفل العالم في تاريخ 10 أكتوبر
من كل عام باليوم العالمي للصحة النفسية، وكان الاحتفال هذه السنة الإسعاف النفسي من « تحت شعار .» حقي ويعتبر نشاط الإسعاف النفسي الأولي -وهو مجموعة من المهارات التي تساعد أفراد المجتمع على رعاية أنفسهم والآخرين عن طريق تقديم دعم نفسي-اجتماعي أساسي خال وبعد الأحداث الحرجة أو في حالات الطوارئ- جزءا أساسيا من برنامج دائرة الدعم النفسي الاجتماعي في الجمعية التي تؤمن باستحالة الفصل بين صحة جسد الإنسان ونفسيته، من أجل تحقيق التوازن الذاتي للإنسان. وكما هو ظاهر للعيان فإن عالمنا العربي وخاصة في الوقت الحالي تلمّ به النكبات وتحيق به المخاطر ويعرض للكوارث والفواجع، ومن الطبيعي أن يظهر تأثير الصدمة النفسية علينا بأشكال من السلوك تختلف عما يظهر علينا عادة من سلوك في المواقف الطبيعية، وهكذا فإن جوهر الصدمة هو أن تستجيب بعد الحدث الصادم من خال ردود فعل طبيعية تحدث في جسدنا )كالارتعاش، أو التعرق، أو تغير الحساسية لألم(، وتظهر في سلوكنا )الرعب أو الدهشة والتجمد(، وتصيب طريقة تفكيرنا ) تطاير الأفكار وتشتتها، والشعور بالعجز(. وتقديم المساعدة النفسية الأولية لا تتطلب ممن يقدمها الإلمام العميق أو التخصص الدقيق، إنها مجموعة من الخطوات التي تساعد المصدومين على أن يعبروا عن انفعالاتهم بطريقة آمنة، وأن يستعيدوا السيطرة عليها كي لا تتطور لديهم إلى ما هو أسوأ الآن أو في المستقبل. لا شك في أن الإسعاف النفسي الأولي عمل ذو طابع معنوي وروحي، ويتطلب من الشخص استحضار هدفه من تقديم المساعدة في ذهنه باستمرار، ويساعده في ذلك حرصه على ممارسة التأمل وآليات الاسترخاء، وتهيئة الجو المحيط به بحيث لا يتأذى دوره الأسري والمهني بما يقوم به. من السهل إعطاء الخبز ولكن من الصعب منح الشهية، ومن السهل إعطاء الغطاء ولكن من الصعب منح الدفء، فالإسعاف النفسي الأولي هو الذي يساعد الناس على اكتساب الشهية والدفء. والإسعاف النفسي الأولي يرفع إحساسنا بهمومنا وهموم الآخرين، ويرفع قدرتنا على التعامل مع كل البشر بالبعد الإنساني، فكلما كنا قادرين على تدريب الإسعاف الأولي نكون قادرين على إسعاف الآخرين، ونساهم
بشكل كبير في رفع مستوى الجلد عند الناس ليصبح كل فرد قادرا على تقديم الإسعاف النفسي الأولى في مكان سكنه.