728 x 90



img

في سياق احتفالاتها باليوم العالمي للصحة النفسية، وبحضور عدد من أعضاء مجلس إدارتها، وعدد من سفرائها الفخريين والأكاديميين والمهتمين بقضايا الصحة النفسية، أطلقت «وياك» بفندق شيراتون الدوحة ندوة بعنوان «صراع الأدوار لدى المرأة العاملة في المجتمع القطري وانعكاساتها على الصحة النفسية».
والتي ناقشت في جلستها الأولى، التي أدارتها السفيرة الفخرية للجمعية الأستاذة مريم الحمادي، محورين أولهما: «طبيعة دور المرأة العاملة داخل الأسرة» والثاني: «الأعراض الجسدية ذات المنشأ النفسي».
كانت البداية مع الأكاديمي وعضو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، د. عبد العزيز المغيصيب، وورقته بعنوان «صراع الدور لدى الزوجة العاملة وتأثيراته على حياتها وصحتها النفسية، قراءة في نتائج بعض الدراسات المعاصرة»، والتي ناقش خلالها العديد من الموضوعات مثل المرأة والأسرة والعمل، وأشار فيها إلى أن مشاركة المرأة أصبحت تشمل شتى مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وهي حقيقة موضوعية يقرها الواقع وتفرضها تحديات الحاضر والمستقبل، وأضحت تبعاً لذلك تقوم بأدوار متعددة، فهي الزوجة والأم والبنت وربة البيت والموظفة، وبالرغم من أن هذه الأدوار قد تتكامل أو تتعارض، إلا أن عمل المرأة يظل ذا أهمية وتأثير إيجابي في البناء النفسي لشخصية المرأة، وذا قيمة في دفع عجلة التنمية والتطور في المجتمع.
وتحدث د. المغيصيب عن الدور الأسري للمرأة، فبين أنها مع تنوع أدوارها إلا أن أسماها قاطبة هو دورها الأسري كربة بيت، بدورها في تربية ورعاية الأسرة وتدبير شؤون المنزل على الوجه المناسب والمطلوب.
كما ناقش المتحدث الدور المهني للمرأة وأنها ذات دور تنموي لا يستهان به خارج البيت أي في مجال العمل، منوهاً إلى أنه مهم للمرأة لما يحققه لها من شعور بالأمن النفسي والاقتصادي، والثقة بالنفس والشعور بالفاعلية وتقدير الذات.
وتحت عنوان: «المرأة في مواجهة تعدد الأدوار»، أوضح د. المغيصيب أن خروج المرأة المتزوجة للعمل أدى إلى زيادة أدوارها في الحياة، فهي في داخل الأسرة زوجة وأم وابنة وربة بيت، وهي في خارجها قوة عمل منتجة تسهم في بناء المجتمع وتطويره وازدهاره.
وبينت المرشدة النفسية الاجتماعية الأستاذة عائشة الكواري من جمعية أصدقاء الصحة النفسية، في مداخلتها أن عمل المرأة في بيتها واهتمامها بشؤون زوجها وأبنائها هو عملها الفطري والأساسي، لذا فمن المتعين أن يتم تقديرها على أساسه، وعلى الجميع أن يدرك أن ما تقوم به هو عمل جليل لا يستطيع أحد أن يقوم به سواها.
وأوضحت الكواري أن رعاية الأم لأبنائها، وتوفير الحب والحنان والأمان لهم ليس موضوعاً اختيارياً، بل هو أحد أهم الواجبات المتعينة عليها كأم، وأن ‏تنشئة الأبناء على المبادئ والقيم السليمة ليست بالمهمة السهلة وخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، منوهة إلى أن كل ذلك يشكل أعباء على كاهلها، ومن الظلم أن تضيف إلى كل ذلك عملاً خارجياً.
وأضافت المتحدثة: إن ‏قيام المرأة بدورها في بيتها ومع أطفالها بالطريقة الصحيحة يقدم خدمة جليلة للمجتمع والوطن، وهو أكبر بكثير من ذهابها إلى سوق العمل، وإن ‏أي تقصير في هذا الدور لن يؤثر على أسرتها فحسب بل يتعدى ذلك إلى المجتمع بأسره.
وعن تفاصيل معاناة المرأة المتعلقة بواجباتها كأم، قالت الكواري: إن المرأة العاملة ‏تعيش عدة أدوار، فهي ‏أم وزوجة ‏وهي مديرة المنزل والموظفة، ‏ولكل ‏دور أو وظيفة ‏متطلباتها التي قد لا تنسجم مع الوظائف الأخرى، بل ربما تتعارض معها، الأمر الذي يجعلها تعيش في صراعات عميقة يمكن أن‏ تحرمها ‏الاستقرار النفسي، لأن التوفيق بين هذه المهام يخلق أوضاعاً ‏‏‏ضاغطة، تنعكس على حالتها النفسية والجسدية.

أثر العمل على الصحة النفسية
والجسمية للمرأة

في الجلسة الثانية من الندوة، والتي أدارها الخبير الاستراتيجي د. محمد خليفة الكبيسي، تمت مناقشة المحورين الثالث والرابع، «أثر العمل على الصحة النفسية والجسمية للمرأة» و»وسائل وحلول لتجنب صراع الأدوار».
في البداية تحدثت د. فاطمة الكبيسي الأستاذ المساعد بقسم الاجتماع بجامعة قطر تحت عنوان: «ضغوط العمل وأثرها على الصحة النفسية والجسدية للمرأة»، أوضحت خلالها أن المرأة العاملة تمثل في المجتمع القطري ما نسبته (36 %) من قوى العمل، حيث تتركز هذه النسبة بشكل أساسي في العمل في المجال التعليمي والخدمات الاجتماعية والصحية، وتعتبر المرأة شريكاً في تنمية المجتمع من خلال دورها في العمل خارج المنزل، وكذلك دورها الأسري الذي لا يقل أهمية عن دورها في العمل الرسمي.
وقد تناولت د. الكبيسي في محورها دوافع ومعوقات عمل المرأة ضغوط العمل من حيث المفهوم والأنواع، وشمل الحديث فيه عن معوقات عمل المرأة وبينت فيه أن هناك عدة دوافع تجعل المرأة تقبل على العمل، بعضها ذاتي كتحقيق الذات وتحقيق المكانة الاجتماعية والرغبة في الإنجاز وتكوين شبكه علاقات اجتماعية، ودوافع اقتصادية وممارسة التخصص والميول المهنية والاعتماد على النفس واكتساب ثقة الآخرين وشغل وقت الفراغ.
كما شرحت الدوافع الأسرية المتمثلة في تحسين المستوى الاقتصادي للأسرة، وتحقيق مكانة اجتماعية للأسرة، وتكوين شبكة علاقات على مستوى الأسرة، كما شرحت الدوافع المجتمعية المتمثلة في المساهمة في تنميه المجتمع وتعزيز دور المرأة على مستوى المجتمع، والمساهمة في مجالات العمل المختلفة وخاصه التي تقدم خدماتها للمرأة.

د. غانم: «الجسدنة» وسيلة للتعبير
عن الضيق

في المشاركة الأخيرة وهي للدكتور عيسى غانم الاستشاري في طب الأسرة، تمت مناقشة الأعراض الجسدية في الأمراض النفسية، والتي تحدث فيها عن ثنائية الجسد والنفس، واللذان لا يمكن فصلهما عن بعضهما، فكل منهما يؤثر في الآخر.
ومن وحي اختصاصه بين أنه يتجلى دور طبيب الأسرة في التعامل مع شكوى المريض بأسلوب رقيق فيه الكثير من الاحترام، وينظر إلى الشكوى ضمن إطارها الأشمل (الاجتماعي، النفسي، العائلي، ظروف العمل وغيرها مما يؤثر في صحة الإنسان).
من هنا حرصت الرعاية الصحية الأولية على تطوير هذا الاختصاص واجتذاب أطباء أسرة أكفاء.
وفي السياق تحدث الدكتور غانم عن أعراض (الجسدنة) واصفاً إياها بأنها مجموعة من الأعراض العضوية التي تسبب ضيقاً للمريض، والتي لا يمكن تفسيرها عن طريق أي مرض عضوي معروف بعد عمل الفحوصات اللازمة، وأن هذه الأعراض يمكن أن يكون سببها القلق، الاكتئاب، أو المشاكل بين الأشخاص، ويمكن لهذه الأمراض أن تزيد من هذه الأعراض، كما أنها من الممكن أن تكون مستحضرة عن طريق الرغبة في لعب دور المريض أو فائدة شخصية.
وبين المتحدث أن «الجسدنة» هي وسيلة للتعبير عن الضيق، عندما يكون ليس من السهل على الأشخاص أن يعبروا عن مشاعرهم بالكلمات.
وأشار د. غانم إلى دراسة أجراها في الأردن الدكتور وليد سرحان، وبين فيها أن المرأة العربية تكون الشكوى لديها عادة عضوية (جسدية) للمرض النفسي أكثر من المرأة الأوروبية.
والمرأة أكثر عرضة للأمراض التي لها علاقة بالصحة النفسية، لأنها تتحمل أعباء كثيرة كالعمل في البيت، مساعدة الوالدة، والإخوة والأخوات، الزواج، الحمل، والولادة والرضاعة.
المصدر:جردة العرب.