728 x 90



img

لقد كرم الله الإنسان وفضله على كثير من المخلوقات ، وأمده بنِعَمْ كثيرة لا تحصيها البصائر ولا الأبصار ولا تحيط بها العقول ولا الأفهام ومهما أعمل الإنسان عقله وأجهد فكره كي يحصي نِعَمْ الله عليه فلن يستطيع إلى ذلك سبيلا .
تعالى : ( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( النحل : 18 ) ومن أعظم تلك النِعَمْ التي أنعم الله بها على الإنسان وفضَّله بها على الحيوان نِعمَة العقل تلك النِعمَة الغالية التي لا تعدلها نعمة أخرى .

و العقل قوام الإنسان ، وميزان الشخص ، وزينه المرء ، وبالعقل عرف الإنسان ربه ووقف على أسرار الكون ، وبالعقل أصبح الإنسان عالماً يدرك حقائق الأمور ، ويعلم ما لم يكن يعلم ، وبالعقل يميز الإنسان بين الخير والشر ، والصالح والطالح ، والنافع والضار .

ولقد رفع الإسلام من شأن العقل فجعله مناط الثواب والعقاب فعلي وجوده يكلف الإنسان ويحاسب ويثاب أو يعاقب وإذا زال عقله سقط عنه التكليف ودعا الإسلام الإنسان إلى إعمال عقله في التفكير والتدبير ، والنظر والتأمل في آيات الله في الأنفس والآفاق .
تعد مشكلة تعاطي المخدرات واحدة من أخطر المشكلات التي تهدد المجتمعات في عالم اليوم، وذلك بعد أن أصبح التعاطي غير المشروع لهذه المخدرات ظاهرة شائعة في معظم أنحاء العالم ولعل ذلك يشير بوضوح إلى الخلل في القيم والأنظمة الاجتماعية لتلك المجتمعات ، وعلى الرغم من أن خطورة مشكلة المخدرات تستهدف المجتمع بجميع فئاته العمرية والاجتماعية إلا أن خطورتها الحقيقة تكمن في أستهدفها لفئة الشباب بالذات مما ينعكس سلباً على كافة النواحي المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، ولقد أكدت معظم الدراسات والبحوث الميدانية والأكاديمية على أن تعاطي المخدرات هو نقطة البداية لكثير من الجرائم بل أنها تقود ضحيتها بالتأكيد إلى ارتكاب جريمة السرقة والاعتداء على الغير بهدف الحصول على ثمن تلك السموم .
ولاشك أن تصرفات الأطفال والمراهقين وسلوكهم وعلاقاتهم بغيرهم ، وخاصة من غير المحيط المدرسي ، يمكن أن تكشف لنا عما إذا كان الأبناء يتناولون المخدرات أم لا ، وبالامكان ملاحظة جملة من التغيرات التي تطرأ على المراهقين الذين يتعاطون المخدرات والتي من أبرزها :
1 ـ الفقدان المفاجئ للاهتمام بالأسرة والصداقات الطويلة المدى .
2 ـ مصاحبة أصدقاء غير معروفين ، أو أفراد غير معروفين .
3 ـ تدني مستوى التحصيل الدراسي المفاجئ .
4 ـ تقلب المزاج ، والاكتئاب .
5 ـ ضعف النشاط والحيوية .
6 ـ سرعة الاستثارة والغضب ، والصراع غير العادي مع أفراد الأسرة
7 ـ بُطء الكلام واضطرابه .
8 ـ نقص الوزن أو زيادته بصورة ملحوظة .
9 ـ الرجوع إلى المنزل مخموراً أو متبلداً .
10 ـ إحضار المواد المخدرة إلى المنزل والتباهي بامتلاكها .
11 ـ ممارسة السرقة .
12 ـ طلب النقود بصورة غير عادية ودون مبرر واضح .
13 ـ التحذير من قبل المعلمين أو الجيران أو الأقران .

الأسباب التي تساعد على توجه المراهقين نحو المخدرات :

أن أهم الأسباب التي تشجع المراهقين على تناول المخدرات يمكن إجمالها بما يلي :
1 ـ عامل البيئة والظروف الأسرية التي يعيش فيها الفرد ، وخاصة الأبناء الذين تربطهم علاقات ضعيفة بالوالدين .
2 ـ السلوك المتسم بالقسوة والرفض من قبل الوالدين ، والذي يقابله التمرد والسلوك المضاد للمجتمع من قبل المراهقين .
3 ـ التصدع الأسري والانفصال والطلاق بين الوالدين .
4 ـ استخدام المواد المخدرة من قبل أحد الوالدين أو كليهما .
ومما تقدم يتبين لنا أن هناك خصائص عامة مشتركة تميز البيئة الأسرية التي ينتمي إليها مدمني المخدرات وذوي الاضطرابات السلوكية .
أن على الأهل قبل كل شيء أن يكونوا القدوة الحسنة ، والمثال الجيد لأبنائهم أولاً ، وأن يراقبوا ويدققوا في أوضاعهم ، ويحرصوا على معرفة كيفية حصول الأبناء على النقود ، وهل أن ما لديهم وما يصرفوه يزيد على ما يُعطى لهم ، والبحث والتدقيق في مصدر تلك النقود الزائدة .
إن عليهم الحرص على كون أصدقاء أبنائهم ممن يتصفون بالأخلاق الفاضلة والسلوك الحميد . ولاشك أن اللجوء إلى العنف إذا ما شعر الأهل بتناول أبنائهم المخدرات لا يمنعهم من نبذ هذه الآفة، وان السبيل الصحيح لمعالجة ذلك هو الاتصال بالمؤسسة الصحية التي تقوم بمعالجة المدمنين حيث أن لديها الوسائل الكفيلة بإنقاذ أبنائنا من هذا الوباء الوبيل ، ومن تلك الوسائل استخدام العقاقير الطبية ، والتحليل النفسي ، وتعديل السلوك في الأماكن المنعزلة ، هذا بالإضافة إلى جهود البيت والمدرسة في هذا السبيل .