728 x 90



img

"اقرأ" هي أول كلمة نزلت من السماء على خاتم الرسل وأفضل من مشى على هذه الأرض؛ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بالرغم من أنه كان نبيًّا أميًّا لا يقرأ ولا يكتب ، إذن فليس ثمة شك في أن القراءة ميزة كل إنسان حي إلى الكمال والتفوق، وإذا كان الإنسان من الذين يقرؤون، فليهنئ نفسه وليطالبها بالمزيد.
تشهد حركة القراءة والمطالعة عزوفا في عالمنا العربي مقارنة بالعلم الغربي ، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال متابعة طلبتنا في المدارس والمعاهد والجامعات ، حيث قلة هم الذين يقرؤون كتابا أو قصة أو ربما مقررا بصفة دورية .
ومع التقدم التقني والتكنولوجي وكثرة وسائل اللهو والألعاب التكنولوجية العديدة تظهر الخشية من اضمحلال عادة القراءة ، ومن ثم فقدانها مع مرور الزمن .
تعليم الطفل القراءة .. وطرق تعليمها .. وزرع حب الطفل في القراءة تبقى مسؤولية الأسرة أولا وأخيرا ، لأن تعليم الأطفال القراءة يبدأ منذ سن الحضانة وينتهي عند وصول الطفل إلى الصف الخامس الابتدائي.
إن وراء كل عظيم - ولا أقصد بالعظمة الامتلاء بماديات الحياة وإنما العظمة الحقيقية التي تجعل صاحبها مَعْلمًا من معالم الرشد الإنساني- حشدًا هائلًا من الكتب التي قرأها وأعمل فيها فكره،إن المتتبع لسير العظماء الذين صنعوا تاريخ الإنسانية يجد أن شغفهم بالقراءة كان السمة المميزة لطفولتهم ونشأتهم الأولى.
وإن الحضارات التي ظهرت على هذه المعمورة إنما صنعت من الكتب، أي بالقراءة، ودمرت اليابان بأكملها، فيم سمي بالحرب العالمية الثانية، وبعد توقف الحرب بثلاثة أيام، جاء المسئول الياباني الأول وجمع الشعب، وجمع كومة من الحديد المدمر وعمله كجبل، ثم صعد عليه، وقال كلمة واحدة للشعب الياباني: "اقرؤوا" وبعدها ، صنعت حضارة اليابان كما نراها اليوم.
وعندما وصل جيش هتلر في تلك الحرب بالقرب من دولة عربية، أرسل هتلر رسالة إلى قائد الجيش بأن يغير اتجاههم إلى روسيا ، والسبب كتبه هتلر في الرسالة : دعوهم فإن هزيمتهم سهلة جدًا، ومن دون حرب، لأنهم شعوب لا تقرأ.
إن القراءة هي الوسيلة الوحيدة التي تصل بالإنسان إلى قمة الوعي والإدراك، وتصنع منه فصيحًا ومتحدثًا وكاتبًا ومفكرًا ، والشعوب التي لا تقرأ لا تصنع حضارة أبدًا ، ورغم الانفجار المعرفي والمعلوماتي الذي يشهده عالمنا المعاصر ومهما أبحر الناس في فضاء الانترنت والقنوات يبقى الجلوس بين يدي الكتاب له طعمه ومذاقه الخاص، ولا يزال الكتاب يحتل مكانة مرموقة بين مصادر المعرفة.
وفي الدول الأوربية يبلغ معدل القراءة للفرد أكبر من نظيره في الدول العربية، وذلك لأسباب متعددة!!
والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يعزف الناس عن القراءة؟ هل يعود ذلك إلى خصائص جوهرية في الشخصية عندنا؟ أم أنه يعود إلى تضافر عوامل موضوعية؟! لو وظفت الأموال والجهود والإمكانات ذاتها التي وظفت في صناعة الترفيه والتلفزيون العربية في مجال التنمية الثقافية هل تنكشف الغمة في البعد عن القراءة والمطالعة الذي نتعامل معه جميعًا وكأنه حقيقة مطلقة، ذلك الوهم الذي يقول أن الإنسان لدينا يتسم بنفور أصيل من ثقافة القراءة؟!
وصدق الشاعر حين قال :
أجلّ مصائب الرجل العــليم *** مصائبه بأسفار العــلوم
إذا فقُد الكتاب فذاك خطــب *** عظيم قد يجل عن العميـم
وكم قد مات من أسف عـليهـا *** أناس في الحديث وفي القديم .


الدكتور / العربي عطاء الله قويدري
استشاري في الإرشاد النفسي والأسري