728 x 90



img

الدوحة – الشرق
يعتبر "التنمَّر"... من الظواهر السلبية المنتشرة بين طلبة مدارس الدولة، وغالباً ما يعاني المعلمين من المشاكل التي تنتج بسبب تنمر عدد من الطلبة على طالب لأسباب وإن وُجدت إلا أنها غير مبررة، إلا أنَّ الصادم في القضية التي ستطرحها "الشرق" هو تنمر الطلبة على المعلمين، حيث كشفت دراسة سلوكية أجرتها جمعية أصدقاء الصحة النفسية "وياك" على المدارس الحكومية، أنَّ المعلمين يتعرضون للتنمر المباشر وغير المباشر بنسبة 65%، النسبة التي وصفها المختصون وأولياء الأمور بالصادمة، لأنها تجعل مخرجات التعليم على المحك، وحمَّلوا المعلم مسؤولية هذه الظاهرة، موضحين أن الطلاب يتنمرون على المعلم الضعيف الذي لا يستطيع السيطرة على طلبته في الفصل، وعليه أكدوا ضرورة أن تدقق وزارة التعليم والتعليم العالي في اختيار معلمين أكفاء، وتدريبهم على فن الإدارة الصفية من خلال الورش والدورات التدريبية، باعتبار أن الإلمام بالإدارة الصفية يجعل السيطرة على الصف في يد المعلم وليس الطالب.

في دراسة سلوكية أجرتها "وياك ": التنمر المباشر على المعلمين نسبته 5 %

أظهرت دراسة بعنوان تنمر الطلاب ضد المعلمين أجرتها جمعية أصدقاء الصحة النفسية "وياك"، وشملت المراحل الدراسية الثلاث ابتدائي، إعدادي، ثانوي أظهرت أن التنمر على المعلمين موجود في المدارس القطرية بنوعيه المباشر وغير المباشر، بنسبة 65 %.

وقال محمد كمال عبد الرحمن مرشد نفسي مجتمعي إن التنمر المباشر على المعلمين موجود بنسبة 5 % في عينة الدراسة وغير المباشر بنسبة 60 %، موضحا أن المقصود بالتنمر المباشر التلفظ بعبارات غير لائقة في حق المعلم، وغير المباشر مثل إطلاق الشائعات على المعلمين وتدمير الممتلكات في الخفاء.
وقال إن الدراسة شملت توثيق تبعات هذا التنمر على الصحة النفسية والرضا الوظيفي للمعلم، ووجدنا أن نسبة الاحتراق النفسي عالية جدا لدى المعلمين الذين يقعون ضحية للتنمر الطلابي وهي في حدود 48 % وتعد نسبة عالية في أدبيات العلوم الإنسانية.

وتابع محمد كمال: أنجزت الدراسة بالشراكة مع قطر فاونديشن وقدمت في مؤتمر متخصص في فرنسا وتم قبولها وهي من الدراسات القليلة جدا على مستوى العالم وأول دراسة من نوعها في قطر والعالم العربي تقريبا، وما أجري من دراسات حول هذا الموضوع يقل عن 20 دراسة على مستوى العالم رغم أهمية هذه الدراسة في تقويم العملية التعليمية.

وأوضح أن مصطلح الاحتراق الوظيفي سواء للمعلم أو أصحاب المهن الأخرى يأتي نتيجة كثرة ضغوط في العمل مع عدم امتلاك الموظف الاستراتيجيات الخاصة بالتنفيس عن النفس وبالتالي يبدأ مستوى الصحة النفسية عنده في الانخفاض حتى يصل إلى مرحلة الإرهاق ويظهر ذلك على الموظف في صور عديدة منها كثرة الغياب والتعب المستمر وعدم الحماس للعمل وقلة الإنتاجية، مشيرا إلى أن المختصين في الجمعية يقومون في مثل هذه الحالات بوضع خطط علاجية لرفع مستوى الصحة النفسية داخل المؤسسات المعنية بما يزيد الإنتاجية.

أحمد الراشد: المعلمون بعيدون عن التعرض للتنمر في مدارسنا

أكد أحمد الراشد الخبير التربوي أن الواقع العملي في المدارس القطرية بعيد كل البعد عن النتائج التي توصلت لها دراسة تنمر الطلاب على المعلمين، بحكم عملنا في المدارس لسنوات طويلة.

وتابع الراشد: التنمر كسلوك سالب قد يكون موجودا بين الطلاب في المدارس ولكن استطيع أن أجزم أن المعلمين بعيدون كل البعد عن التعرض للتنمر بأي شكل من الأشكال، وإذا وجد فان المعلم يكون مسؤولا عن حدوثه، لخلل في شخصيته أو لعدم تطبيقه لقوانين الصف، وهذا قد يترك مجالا ليتعرض المعلم للتنمر من قبل الطلاب، والدليل على صحة حديثي استحالة وجود حالة لطالب واحد يمكن أن يوصف بأنه متنمر على كل معلميه، وطالما أن هذا الطالب يتنمر على معلم بعينه دون بقية المعلمين في مدرسته يعني أن العلة في المعلم.

وأكد الراشد أن المعلم هو من يتحكم في الإدارة الصفية وليس الطلاب، وهذا يتيح للمعلم وضع النظام داخل الصف، بما يمكنه من السيطرة على سلوكيات الطلاب، ووضع الضوابط للسلوكيات السالبة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الإدارة الصفية فن، يتطلب صفات قيادية معينة في المعلم، ويمكن للمعلم اكتساب قدرات التمكن من الإدارة الصفية من خلال الورش والدورات التدريبية، والمعلم الذي يطبق الإدارة الصفية لايمكن أن يترك مجالا للتنمر عليه.

وأقر الراشد بوجود طلاب متنمرين، بحكم البيئة التي أتوا منها، كأن يكونوا قد مروا بظروف أسرية معينة جعلتهم عدوانيين، ومهمة المدرسة هي تقويم مثل هذا السلوك السالب، ودور المعلم اكتشاف مثل هذه السلوكيات السالبة ومعالجتها، وعلى الوزارة التدقيق في اختيار المعلمين الأكفاء أكاديميا والقادرين على مواجهة السلوكيات السلبية في المدارس والإسهام في معالجتها.

إبراهيم العجلان: أولياء الأمور وراء تفشي ظاهرة التنمر ضد المعلمين

قال إبراهيم العجلان ولي أمر: إن هناك عدة أسباب لظهور حالات التنمر وانتشارها بل وتفشيها بين أبنائنا الطلاب، منها تعامل ولي الأمر ووقوفه الدائم مع الطالب ضد مدرسه مما يتسبب في تمادي الطالب، موضحا في السابق كانت للمدرسة هيبة واحترام مفروضة على الطالب وذلك بسبب أن المدرسة كان دورها تربويا وتعليميا في نفس الوقت، أما الآن بعد إصدار بعض القوانين التي تحتاج إلى إعادة النظر فيها كونها جاءت في مصلحة الطالب فقط مثل منع الضرب ظهرت لنا الكثير من الإشكاليات منها التنمر المباشر مثل التعدي على المدرس، وغير المباشر في تخريب ممتلكاته الخاصة وغيرها من الأمور الأخرى.

وأضاف العجلان أن قوانين التعليم واضحة وشرعت منذ سنوات وعلى رأسها خدمة السلك التعليمي في الدولة منها مصلحة المدرس والطالب، ولكننا لم نتعامل مع هذه القوانين بالشكل المطلوب، إذ أن ولي الأمر هو من يكون سببا في غالب الأحيان بتمادي الطالب على المعلم وذلك في الإنصات للطالب والانصياع له والوقوف معه ضد المعلم مما خلق جيلا متماديا غير مهتم بالدراسة ولا يحترم المعلمين.

وأوضح لو عدنا إلى الزمن الماضي لا نجد ظهور مثل حالات التنمر هذه أو تفشيها بين طلابنا في ذاك الزمان، وذلك لأن المدرسة كانت بيئة تربوية وتعليمية يتلقى فيها الطلاب كل ما يناسبهم وينفعهم طيلة حياتهم، أما الآن فالتركيز على التعليم فقط وترك الجانب التربوي.

وعن تجربته الخاصة قال: تم استدعائي من قبل مدرسة ابني الذي يدرس في المرحلة الثانوية، وبعد حضوري إلى المدرسة تم استدعاء الطالب وعند الاجتماع معه لم أشعره بأنني أقف بصفه ضد المدرسة والمدرس كما يفعل بعض أولياء الأمور بل عززت من موقف المدرس وكنت معهم ضد الطالب وذلك بهدف زرع النشأة السليمة واحترام المدرس والمدرسة لدى الطالب، ومن ثم أناقش المشكلة مع الأخصائي الاجتماعي والمدرسين في المدرسة على انفراد ووضع الحلول الناجعة لها.

د. رمزي السعيد: تنمَّر الطالب مسؤولية تقع على عاتق المعلم

اعتبر الدكتور رمزي السعيد أنَّ تنمر الطالب على معلمه هي مسؤولية تقع على عاتق المعلم بالدرجة الأولى وليس للطالب أي شأن فيها، والمقصود بمسؤولية المعلم هي الطريقة والأسلوب اللذان يتبعهما المعلم في إدارة فصله، فعلى المعلم أن يتحلى بالصبر تجاه الطلبة الذين تصدر منهم سلوكيات قد توصف بالسلبية.

وأكدَّ الدكتور السعيد أنَّ التنمر وغيره من السلوكيات السلبية من الأمور المرفوضة في المجتمع، ليس فقط على نطاق المدرسة، إلا أنَّ السلوكيات السلبية يجب ألا يتم التعامل معها بحدة، فالمعلم الحقيقي عليه أن يبحث في نفسه أولا، وأن يعيد حساباته مع نفسه قبل أن يصدر أي حكم على الطالب، سيما وأنَّ الطالب المتنمر لا يتنمر على كافة المعلمين بل على معلم بعينه، الأمر الذي يؤكد أنَّ الخلل هنا في المعلم وليس في الطالب.

ونصح الدكتور السعيد بضرورة تغيير السلوك السلبي لدى الطالب من خلال المتابعة السلوكية، في تعزيز السلوك الإيجابي لديه مهما كان بسيطا، وأن يرصد المعلم علاقته بالطالب فلربما صدر عن المعلم سلوكا سلبيا تجاه الطالب جعله عدائيا تجاهه، كما أنَّ على المعلم أن يبحث في ملف الطالب فقد يكون الطالب يعاني من مشاكل أسرية تدفعه لهذا السلوك العدائي بدافع لفت الأنظار، كما أنَّ على المعلم أن يتغافل نوعا ما عن السلوك السلبي بتعزيز السلوك الإيجابي، حتى يشعر الطالب بالثقة في النفس وبالتالي يتراجع عن السلوك السلبي.

حكم عليهما بالحبس ودفع كفالة مالية لإيقاف التنفيذ
معاقبة طالبتيّن لاعتدائهما على معلمة بالضرب والسب

نظرت دوائر القضاء في دعاوى اعتداء طلاب على معلمين أو مشاحنات طلاب مع بعضهم البعض بسبب خلافات داخل الحرم المدرسي، وسببها التنمر الذي يعرَّف على أنه: "سلوك عدواني متكرر يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً، جسديا أو نفسيا، يمكن أن تتضمن التصرفات التي تعد تنمرا الإساءات اللفظية أو المكتوبة، أو الإساءة الجسدية".

والكثير من هذه الحوادث يتم حلها داخل أسوار المدرسة وقد لاتجد طريقها للقضاء، ويستدعي الأمر دراسة حوادث الاعتداء الجسدي أو اللفظي وتشخيص أسبابها، ومعرفة الحلول التربوية الممكنة لمنع تكرارها، ومنها هذه الحالة:
قضت المحكمة الابتدائية بمعاقبة طالبتين اعتدتا على معلمة مدرسة بسبها وضربها، بالحبس، وكفالة مالية قدرها ألفيّ ريال لإيقاف التنفيذ عما أسند إليهما من اتهام.

وكانت النيابة العامة قد اتهمت طالبتين بالاعتداء عمداً على سلامة جسم المجني عليها وتعمل معلمة، وأفضى الاعتداء إلى عجزها عن القيام بالأشغال الشخصية مدة لا تزيد على 20 يوماً، حيث قامت المتهمتان بسب المجني عليها علانية، وضربها على يدها أثناء تأديتها لأعمال وظيفتها.

تفيد مدونات التحقيقات أنّ المجني عليها كانت على رأس عملها، وهي معلمة فصل تدرس فيه الطالبتان المتهمتان، وعقب قيامها بطرد إحدى الطالبات من الفصل الدراسي بسبب مخالفتها لتعليماتها، قامت المتهمة الأولى بسبها، فطلبت منها المعلمة الخروج من الفصل إلا أنها رفضت.
وقامت المتهمة الثانية بالاعتداء عليها وضربها بعدما صفعتها المتهمة الأولى، مما أحدث بها كدمات وإصابات.

وكانت المجني عليها أفادت في تحقيقات النيابة العامة أنها طلبت من الطالبات عدم تغيير أماكنهنّ والتحدث بهدوء إلا أنّ المتهمة الأولى وصديقتها لم تستمعا إليها، مما اضطرها إلى طرد الأخيرة من الفصل، فبادرت الأولى بسبها لطرد صديقتها.

وأقرت المتهمتين بالاتهام المنسوب إليهما، وأنهما قامتا بالاعتداء على الشاكية وسبها كردة فعل على قيام المعلمة بسحب الطالبة الأولى لإخراجها من الفصل الدراسي.

وأنكرت المتهمة الثانية قيامها بالاعتداء، وأنها كانت تقوم بالتفريق بين الشاكية والمتهمة الأولى، وثبت من تقرير الطب الشرعي إصابة المجني عليها بكدمات.
وجاءت الجريمة المسندة للمتهمتين مرتبطة ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة ووليدة نشاط واحد، ومن ثمّ اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة الأشد.
ونظراً لحداثة سن المتهمتين وكونهما طالبتيّ مدرسة فإنّ المحكمة تأخذهما بالرأفة عملاً بالمادة 93 من قانون العقوبات.

المعلمة فوزية. م: التنمر اللفظي على المعلمات الأكثر شيوعاً في مدارس البنات

قالت السيدة فوزية. م معلمة: تتسبب الفوارق الاجتماعية بين الطالبات في إثارة الغيرة ومقارنة الوسط الاجتماعي بأخريات، وكثيراً ما توجه الفتيات انتقاداتهنّ للمعلمات من حيث التندر والاستهزاء بالهندام العام والمظهر الاجتماعي، وطريقة الملبس والمشي والتعامل مع بقية المعلمات في المدرسة.
وأضافت أنّ الاستهزاء بملابس معلمات وحاجياتهنّ الشخصية مثل الحقائب أو الساعات أو المصوغات التي يلبسنها، تثير الكثير من السخرية والتقليل من القيمة المالية لتلك الأشياء باعتبارها تشير إلى أوضاعهنّ الاقتصادية المتدنية أو المتوسطة.


المعلمة إيمان أحمد: التنمر ظاهرة تثير قلق الوسط التعليمي
من جانبها، قالت السيدة إيمان أحمد إحدى المعلمات: إن التنمر على المعلمات يأخذ في العادة شكل التعدي باللفظ أو إيماءات الوجه أو حركة اليدين، وذلك ضمن انتشار ظاهرة المباهاة بين الطالبات اللواتي يتفاخرنّ بما يلبسنه، وهذه الظاهرة باتت تشكل قلقاً في الوسط التعليمي لأنها منتشرة بوضوح في الفصول المدرسية، وأصبحت فرصة للتنمر على المعلمة بنظرات الاستهزاء والإيماءات التي توحي بالسخرية والفارق الاجتماعي. وكثيرات يوجهنّ الحركات الاستفزازية لزميلاتهنّ، أو لمجموعة الصديقات القريبات وهنّ الشلة، بحيث يتفقنّ على مراقبة معلمة ومتابعة أحوالها وطريقة تعاملها اليومية ثم يتندرنّ عليها بالقول وحركات الوجه التي تحط من شأنها مما يعد نوعاً من التنمر اللفظي