728 x 90



img

كل إنسان له مفتاح، ابحث عن مفتاح ذاتك، ستتمكن منها، قاوم كل محاولات الإحباط، سواء كانت نابعة من ذاتك، أم من محيطك الخارجي، واجعل هدف مقاومتك ساميا بعيدا كل البعد عن الانتقادات البشرية التي لا جدوى من الركض خلفها، كن حروفا متمردة تطرق ذاتها على أسطر التاريخ، ولا تجعل من نفسك حرفا سقط سهوا مثل معظم البشر، جدد حياتك، وغير من نفسك، وتوكل على الله سبحانه وتعالى وثق أنه لن يخذلك.
وللأسف حولنا كثيرون يجعلون من الظروف الخارجية شماعة يعلقون عليها غلطاتهم في حق ذواتهم، وفي حق الآخرين أيضا، الظروف التي تسري عليك تسري على غيرك، إنما الفرق هو في طريقة تجاوز المحن، ولا تكرر جملة الفاشلين دوما: «كان الحظ حليفهم، ولم يكن حليفي»، فالحظ صناعة أنت من تهديه لذاتك بثقتك في بنفسك، وباجتهادك في الأمر الذي تريد.
عندما تخلى المسلمون عن سر قوتهم، وابتعدوا عن شريعة ربهم، صاروا غثاء كغثاء السيل، وأصبح فينا العاجز والكسلان الذي لا يستطيع أن يغير ما بنفسه فكيف يغير ما بحوله، وأصبحنا في حضيض الأمم وفي آخر الركب، وقد تسلم لواء القيادة أمة الغرب، وصدق الشاعر:
وما فتئ الزمان يدور حتى مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يرى في الركب قومي وقد عاشوا أئمته سنينا
وآلمني وآلم كل حر سؤال الدهر أين المسلمونا؟
وأوضاع الأمة الإسلامية لا تحتاج لأن نتكلم عنها فكل منا يعرف ماذا يجري في واقعنا اليوم، ولا يمكن أن نعرض التخلف والتردي الذي تعيشه، ولكن نريد أن نرسم بسمة أمل وطريق العودة إلى السيادة مرة أخرى وتزعم ركب الحضارة، حضارة الإيمان والتوحيد، كما أوجبه الله تعالى على هذه الأمة.
ولكن هذا الطريق الشاق يبدأ منك أيها الإنسان فأنت صاحب التغيير، لأن الأمة تتكون من مجموع أفرادها فإذا ارتفعت قيمة حياة الفرد بالإيمان والفاعلية فإن قيمة الأمة ترتفع بدورها تبعا لذلك، فإذا نجحت في التغيير وبناء شخصيتك القوية الفعالة، أصبحت أنت النموذج الذي يحتذى بك، وهذه أهم خطوة استراتيجية على طريق الرفعة والتمكين فالبناء الشامل وحده هو الذي يمكن أن يحدث التغيير.
التغيير محتاج إلى شخصية مؤمنة فعالة، لا الشخصية العاجزة السلبية التي لا تحرك ساكنا، ناقصة القدرات والمهارات، حتى ولو كان على قدر كبير من الصلاح والتقوى، ولذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم يقول في أبي ذر رضي الله عنه: (ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر) رواه الترمذي، ومع ذلك يمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من تولي الإمارة، ويقول له: (يا أبا ذر إني أراك ضعيفا، فلا تولين إمرة اثنين) رواه مسلم.
هذا الفهم كان واضحا لدى المسلمين الأوائل، حيث سادوا العالم بأخلاقهم وبعلمهم وبمعاملاتهم، وفي الوقت نفسه كانت أوروبا تعيش في ظلمات الجهل والتخلف في العصور الوسطى، ولكن بعد أن تخلى المسلمون عن حمل لواء العلم والتغيير تبنت أوروبا هذا المنهج وانطلقت نحو البناء والنهضة.

وهذه بعض مفاتيح التغيير:
* استمع إلى كل نقد موجه إليك بهدف تطوير ذاتك لا تدميرها.
* اجعل من نفسك قيمة لنفسك أولا، ثم لمن حولك.
* تخلص من كل صفة سلبية بأخرى إيجابية، وإن لم تستطع ذلك، فأضف مقابل كل أمر سلبي تفعله آخر إيجابيا.
* أهم ما يضمن لك بقاء الأمور الإيجابية هو الاستمرار، وتذكر طالما أنك تتنفس، فهذا يدل على أنك تعطي نفسك دافعا لتعيش الثانية، فلجعل خططك تعيش، أعطها قبلة الأمل، وتذكر أن الإحباط معول هدم لا بناء.
* لا تقل: سأتغير، وأنت لم تبدأ بشيء فعلي، قو إيمانك بالله وذاتك، وانطلق.
* الإخلاص سيجعلك تنعم بالرضا، وأن ما تقوم به لن يذهب سدى، أخلص نيتك، وستشعر بالاختلاف، وإذا كنا نريد التغيير ما بأنفسنا والنهوض من ضعفنا وكبوتنا، ونريد لهذه الأمة أن تقوم من جديد، لا بد من العودة إلى أصل حضارتنا ونهضتنا وسيادتنا ورقيينا، ونحتاج فيها إلى المؤمن القوي الفعال الذي يأبى أن يعيش عيشة الكسل والخمول، ويأبى أن تمر أيام حياته دون أن يزيد شيئا على هذه الدنيا، كما قال أديب الإسلام مصطفى صادق الرافعي رحمه الله تعالى: (فإنك إن لم تزد شيئا على الدنيا كنت زائدا عليها).

عزز الثقة بالنفس وابتعد
عن الغرور

كثير من الناس يخلط عن قصد أحيانا أو دون قصد في كثير من الأحيان بين الغرور والثقة بالنفس، وخصوصا حين لا يستطيعون تحديد الفرق بينهما.
فالغرور آفة وخلق مذموم، يقود صاحبه إلى التعالي على الناس وازدرائهم والتقليل من شأنهم، ويدفعه إلى الاعتقاد بأنه أفضل منهم جميعا وأن لا أحد منهم قادر على أن يماثله أو يشابهه، بينما الثقة بالنفس هي خصلة محمودة وصفة محببة ترفع من قدر صاحبها وتدفعه إلى حب الناس وإحسان التعامل معهم بصرف النظر عن مستوياتهم المادية أو الاجتماعية ليكسب في النهاية حب الجميع ومودتهم واحترامهم.
عدم حسن الظن بالنفس أو الركون إليها، والابتعاد عن الغرور والعجب، هي من علامات التغيير عما بالنفس، واليقين بأنها لن تدفعنا في يوم من الأيام لفعل الخير ابتغاء مرضاة الله، فالنفس أمارة بالسوء كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) يوسف 53.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم دائم التحذير من شرها، فقد قال يوما لحصين بن المنذر رضي الله عنه: (قل: اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي) وفي خطبه صلى الله عليه وسلم كان يقول: (.. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا).
وقال صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها يوما: (ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت وأمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) رواه النسائي، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: (..وإنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورة، وذنب، وخطيئة، وإني لا أثق إلا برحمتك) رواه أحمد والطبراني.
معروف على النفس البشرية أنها حريصة على الركون إلى الدنيا وزخرفها، وإيثارها على الآخرة، فكانت تعمل جاهدة أن تأسر صاحبها بهواها، فيكون لها عبدا وعاملا، وبعيدا عن طريق الآخرة.
وكم من بلية أرادتها بك نفسك فعزم الله عز وجل لك على تركها وأيقظك وأزال عنك غفلتها فعصمك منها، وكم من حق الله عز وجل قد هممت بتضييعه، فأبى الله عز وجل إلا أن وفقك لخلاف ما هممت به، فقوى ضعفك، ونور قلبك وأعانك عليها حتى رفضت كثيرا مما تهوى، وتركت كثيرا مما تحب.
وكما يقول المحاسبي: (لقد وجب عليك المقت لنفسك والحذر منها، وترك إضافة العمل إليها بالحمد.. والحمد لربك عز وجل، والحمد له خالصا وحده، والشكر له على منته بكل ما نلت من بر وطاعة.
فمن عرف نفسه زال عنه العجب، وعظم شكر الرب عز وجل، واشتد حذره منها، والثقة والطمأنينة إلى المولى عز وجل، والمقت لها والحب للمتفضل المنعم، ألم يقل سبحانه وتعالى: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) النور 21.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر جدي وهزلي، وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير) متفق عليه.
وهكذا كان دأب الصالحين يراقبون أنفسهم ويزجرونها، وينظرون إلى أنفسهم نظرة احتقار وازدراء، بعيدين عن العجب والغرور، وكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه يقول: (لو يعلم الناس ما أنا فيه لأهالوا علي التراب)، ومشى قوم خلف ابن مسعود فقال لهم: (ارجعوا فإنها ذلة للتابع وفتنة للمتبوع)، وقال: لو تعلمون ما أعلم من نفسي حثثتم على رأسي التراب.
وقال رجل لعمر بن عبدالعزيز: (يا أمير المؤمنين كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بطينا، ملوثا في الخطايا، أتمنى على الله الأماني).
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (ومقت النفس في ذات الله من صفات الصديقين، ويدنو العبد به من الله سبحانه وتعالى في لحظة واحدة أضعاف ما يدنو به من العمل، ولقد تعبد رجل من بني إسرائيل ستين سنة في طلب حاجة فلم يظفر بها فقال في نفسه: (والله لو كان فيك خيرا لظفرت بحاجتي فأتي في منامه، فقيل له: أرأيت إزراءك على نفسك تلك الساعات فإنه خير من عبادتك تلك السنين).
وكان ابن المبارك رحمه الله تعالى يقول: (أحب الصالحين ولست منهم، وأبغض الطالحين وأنا شر منهم)، وكان كثير من السلف يكره أن يطلب منه الدعاء، ويقول لمن يسأله الدعاء: أي شيء أنا؟

معاملة قاسية من الوالدين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا شخص كنت قد تعرضت في صغري إلى معاملة قاسية من طرف الوالد، وأثر ذلك على حياتي بشكل كبير، وأصبحت لا أرى للحياة طعما، وأصبت بفشل وإحباط كبيرين.. أرجوكم ساعدوني ماذا أفعل؟؟ تعبت.. أريد حياة طبيعية.. وجزاكم الله خيرا.. أخوكم / أحمد..

الإجابة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أخي الفاضل أحمد حفظك الله ورعاك، وأشكرك على تواصلك مع موقع مستشارك الخاص، ووفقك الله في حياتك العملية.
يبدو أن المشاكل التي تعرضت لها في صغرك مع أسرتك جعلتك تفقد طعم الحياة في طفولتك ومراهقتك ولم تستمتع بهما، ولهذا في رسالتك أردت أن ترجع إلى الوراء وتريد أن تعيش هذا السن في أمان واطمئنان بعيدا عن القلق والتوتر والمشاكل الأسرية.
أخي أحمد إياك أن تحكم على نفسك بالفشل والإحباط وعدم النجاح سواء مع نفسك أو مع الآخرين، فهذه البرمجة التي ترسلها إلى عقلك الباطني أنه ليس هناك حظ مع الآخرين فقد حكمت على نفسك باليأس والانهزامية، ولا يمكن أن تحصل على الحظوظ التي ترضيك.
اعلم أن كل واحد منا يملك رغبة في تحقيق أحلامه فيسعى في الحصول على مفاتيح السعادة لكي يعيش سعيدا ولكن لا بد من أن نمر بعثرات ولحظات نقف فيها عاجزين، وقد يزداد ألمنا حين نفشل في تحقيق أهدافنا ولم نحصل على حظوظنا، وهنا يأتي دور استبدال الألم بالأمل، وينتصر الأمل على اليأس والتفاؤل على التشاؤم والرجاء على القنوط، وكل هذا بقوة الإيمان ثم بقوة العزيمة والإرادة.
ولهذا لا أريدك أن تقف أمام مشكلة واحدة وتجعلها محور حياتك بل امض إلى الأمام بخطى ثابتة ولا تنظر إلى الخلف فالنظر إلى الخلف سيعثر خطاك ولا ترجع إلى ملف الماضي فالذي حدث لك قد مضى، ولا تقف عنده بل دائما تطلع إلى الأمل المشرق، وأبشرك أنك تستطيع أن تتدارك ما فاتك وتعوض الشيء المفقود، ولكن بشرط أن تبعد عنك الخوف والتوتر والقلق ولوم النفس، واعلم أن الحظوظ كثيرة إن لم تحصل على هذه ستحصل على الأخرى، ولكن دائما تفاءل.
أبعد عنك الأفكار الانهزامية، أبعد عنك الأفكار التسلطية، فلا تترك للشيطان ووساوسه يتغلبون عليك.
ولا بد أن تقدر وتحترم ذاتك، تعطي الحق لذاتك، ولا تصغر منها، ولا تنزل من مكانتها.
اعلم أن كل إنسان له طاقة كامنة في جسمه تحتاج منه أن يوقظها ويستغلها أحسن استغلال، بالنسبة لمشكلتك هي نفسية سلوكية وليست عضوية، والعلاج في يدك أنت، ويمكن أن تتخطى هذه المشكلة بإذن الله تعالى.
إياك أن تتردد في مواقفك وتعاملك مع الآخرين، فالتردد يحطم من شخصيتك، وكل السلوكيات التي تتحدثين عنها ترجع إلى برمجة عقلك الباطني الذي أرسل رسالة سلبية إلى جميع أعضاء جسدك بالخوف والتردد وعدم الثقة بالنفس، وبالفعل استجابت هذه الأعضاء، وأصبح عندك هذا السلوك الذي رسمته، وكل هذه الأمور أنت الذي اصطنعتها لنفسك.
وإياك أن تحكم على نفسك بالفشل والإحباط وعدم النجاح سواء مع نفسك أو مع الآخرين، فهذه البرمجة التي ترسليها إلى عقلك الباطني أنه ليس حظ مع الآخرين فقد حكمت على نفسك باليأس والانهزامية، ولا يمكن أن تحصلي على حظوظ ترضيك.
ولهذا لا أريدك أن تقف أمام مشكلة واحدة وتجعليها محور حياتك بل امض إلى الأمام بخطى ثابتة ولا تنظر إلى الخلف فالنظر إلى الخلف سيعثر خطاك، والحظوظ كثيرة إن لم تحصل على هذه ستحصل على الأخرى، ولكن دائما تفاءل.
أفضل أخي أحمد أن تستخدم العلاج بالتفكير المضاد.

التفكير الإيجابي
– البحث يعلم الإنسان الاعتراف بخطئه والافتخار بهذه الحقيقة أكثر من أن يحاول بكل قوته الدفاع عن شيء غير منطقي خوفا من الاعتراف بالضعف بينما الاعتراف علامة القوة.
– قدرتك على حفظ اتزانك في الطوارئ ووسط الاضطرابات وتجنب الذعر هي العلامات الحقيقية للقيادة.
– يستحيل إرضاء الناس في كل الأمور، ولذا فإن همنا الوحيد ينبغي أن ينحصر في إرضاء الله سبحانه وتعالى ثم إرضاء ضمائرنا.
– الأفضل أن تصل مبكرا ثلاث ساعات من أن تتأخر دقيقة واحدة.
– السيطرة ضارة إلا سيطرتك على نفسك.
– لا يقاس النجاح بالموقع الذي يتبوأه المرء في حياته.. بقدر ما يقاس بالصعاب التي يتغلب عليها.

همسات
– حسن الصلة بالله له أثر عظيم في إصلاح الأولاد واستقامتهم على الخير.
– لا تعتمد على خبرتك ومعلوماتك في تربية أولادك، بل لا بد من الاستعانة بالله والاعتماد عليه.
– أكثر من الدعاء واللجوء إلى الله وطلب العون والتوفيق في تربية الأولاد.
– اربط أولادك بالله تعالى في كل مكان وفي أي موقف.
– اصحب المميز منهم إلى المسجد ومجالس الخير ومواطن الصلاح والهدى.
– لا تكثر من الترهيب وذكر النار والعقاب، بل لا بد من الموازنة بين الترغيب والترهيب.
ملفات

حسن الظن بالآخرين... خلق المؤمنين